ندوة الثلاثاء الاقتصادي
الدكتور همام نزار عبيد
المركز الثقافي –أبو رمانة
12-2-2019
أولا – من أين نبدأ.
ثانياً- المورد البشري وواقع الحال.
-
مأزق عليك.
-
القطاع العام والخاص واجبات منزوعة الحقوق.
-
الغرق في المياه الراكدة.
-
من مديري ؟!.
-
القوانين.
-
الهدر.
-
الآلية التعويضية واستعادة القيمة.
ثالثأ- الحلول:
من أين نبدأ :
البداية هي دوما السؤال الأصعب، لأنها البوصلة التي تحدد الاتجاه والطريق.
وإذا كانت البداية خاطئة فالاتجاه خاطئ والنهاية خاطئة .
العشوائية والفوضى والتنظير المجنح ، الأهداف السامية الكسيحة والشعارات التي تستعذبها الأفواه ولا تستوعب غاياتها العقول ويستخف بها الواقع ويتنمر عليها السلوك.
من أين نبدأ، من ضبابية آن لها أن تنجلي وفساد آن له أن يزول وإنسان سوري مبدع آن له أن يلملم حطامه وجروحه وخسائره ويعود يعود لكي يحقق نصره الحقيقي نصر البناء والتعمير ولكي لا يكون كل ذلك مجرد عبث إنشائي، لا بد من أفق واضح ومنهجية واضحة وبداية تشير إلى الخلل والحل معا، تشخص المرض وتدرك دواءه. وتعرف للطريق اتجاهه.
المورد البشري وواقع الحال :
-
مأزق عليك :
إن العقلية السائدة في التعامل مع المورد البشري وتنميته تقوم على مطالبة هذا المورد بالمزيد من المهارات والكفاءات والشهادات والخبرات العلمية والتقنية، ليتماشى مع سوق العمل الجديد واحتياجاته ، خاصة مع محدودية الفرص الوظيفية وزيادة التنافسية، والسعي اللاهث وراء فرصة عمل وسط بطالة كارثية، ليقع عبء التنمية وتطوير القدرات واكتساب المهارة والتقنية العلمية المتنوعة والخبرات والتدريب، على عاتق الفرد والفرد وحده، وقد يقول البعض بأن العديد من المؤسسات سواء العامة أو الخاصة تقيم العديد من الدورات التدريبية إن الإشكالية الحقيقة في هذه الدورات أنها تعتمد الانتقائية والمزاجية والعشوائية.
حتى وإن نفينا عنها هذه المثالب فهي تبقى محدودة وغير كافية وبعيدة كل البعد عن المنهجية العلمية المطلوبة التي تشمل نمطا عاما يسير وفق استراتيجية عامة واضحة الأهداف والمعالم.
إن العبء الملقى على عاتق المورد البشري ليستوفي ما عليه من متطلبات ويقفز فوق الحواجز ويتخطى الصعوبات يؤخر دخوله إلى الحياة العملية.
فلا يدخل إلى الحياة الوظيفية إلا في سن متأخرة، ويستنفذ أوج طاقته وسط هذا السعي الأكاديمي التنظيري البحت الغير مصقول بخبرات عملية، وحتى عند الوصول إلى الميدان الوظيفي مثقلا بدوراته وشهاداته ومؤهلاته العلمية كثيرا ما يتعرض الى الإلغاء والتهميش، إذ ينتقى له أفضل الزوايا وأبعدها عن مجاله وقدراته بحجة افتقاده إلى الخبرة المطلوبة، ليستنفذ ذلك ما بقي من طاقته وزمنه في تلك الزاوية من أن يستفاد من تلك المعارف العلمية والمهارات التي دأب على اكتسابها.
وفي حال دخل سوق العمل بسن مبكرة ووسط مهارات محدودة ومؤهلات بسيطة فمن الشاق جدا تطوير ذاته وهو يحمل على كاهله عبأه الوظيفي بكل ما فيه من قيود يستحيل معها السير ولو خطوة واحدة للأمام، فلا وجود فعلي لأي شكل من أشكال التسهيل لتطوير العامل، وإن وجدت تنظيريا فهي غير موجودة عمليا إلا ضمن سياقات استثنائية تخضع لمزاجية المدراء وانتقائيتهم وتقوم على أسس شخصية محضة.
-
القطاع العام والخاص واجبات منزوعة الحقوق:
يعتبر القطاع الخاص ظلا موازيا للقطاع العام من حيث الأجور فالأجور في القطاع الخاص أعلى نوعاً ما من القطاع العام ، لذا فكلما تحسن الوضع في القطاع العام تحسن طردا في القطاع الخاص،كون الأخير يطالب موظفيه بجهد كامل ويستثمره استثمارا كليا فلا وجود لبطالة مقنعة وسط القطاع الخاص ولا لعمالة زائدة، ولكن تكمن الإشكالية في كلا القطاعين في واقع التعامل مع المورد البشري حيث يتسع حيز الواجبات وتتلاشى مساحة الحقوق سواء على الصعيد المادي أو المعنوي أو الصحي، ويعزى ذلك إلى قلة فرص العمل التي تسمح بوجود عمالة تتحمل العصا على أمل أن تحظى بقشرة الجزرة، إلا أن هذا الأمر يولد على المدى الطويل إنتاجية أقل وولاء معدوما واحتراقا ذاتيا وإحساسا مستمرا بالهضم والظلم وإنتاجية منخفضة، حيث يفقد هذا المورد اندفاعه وطاقته بعد مدة وجيزة مما يجعلنا نخسر أجيالا لا جيلا ضمن هذه الآلية القاتلة.
-
الغرق في المياه الراكدة:
كما تشكل المياه الراكدة على الصعيد البيئي بؤرة ضارة بالصحة ومصدرا للحشرات والأوبئة فإن البيئة الوظيفية الراكدة لا تقل ضررا أو خطورة عن تلك وكثيرا ما تصاب بيئة العمل الراكدة وخاصة في القطاع العام بعدة أمراض وظيفية تشمل:
-
البطالة المقنعة وتأتي من ثلاثة عوامل:
الأول: تعيين الموظف في مكان لا يتناسب مع إمكانياته والحرص على عدم تفعيل هذه الإمكانيات لما تشكله من خطر فقد يحتل مناصبا وظيفية يخشى عليها أصحابها وبسبب هذه التنافسية السلبية يصبح من الضروري تهميش أصحاب الكفاءة والمؤهلات حتى ولو تركوا من دون عمل فعلي يتم من خلاله الاستفادة من كفاءاتهم وإمكاناتهم ومؤهلاتهم.
الثاني: المحسوبية والتدليل والوساطة
الثالث: سوء التوزيع للعمالة تبعا للمؤهل والكفاءة والاحتياج حيث نجد مواقع وظيفية نشطة وبحاجة إلى عدد أكبر من الموظفين والعمالة ليتم تسيير العمل فيها بشكل أسرع وأفضل ومع ذلك لا يوجد سوى عدد محدود من الموظفين كالسجل العقاري والبنوك.
ونرى مواقع وظيفية أخرى تتكدس فيها العمالة مع أنها قد تستكفي بعدد محدود منهم لتسيير العمل فيها.
-
الاحتراق النفسي :
إن البقاء لفترة طويلة في مكان وظيفي واحد يولد حالة من الروتين والإحساس بعدم التطور وضياع الهدف وجمود القدرات والمهارات والإحساس بعدم التقدم الأمر الذي يقتل روح الإبداع لدى العامل.
-
الفساد:
تشكيل بؤر جمعية منظمة للفساد يصعب مع الزمن تفكيكها أو السيطرة عليها، إذ تصبح ممنهجة ومنظمة ومتسعة عاموديا وأفقيا حيث تنتشر في المؤسسة وتمتد أفقيا عبر مؤسسات أخرى.
شعور أصحاب المناصب الوظيفية الإدارية بالملكية إذ تسمح ديمومة هذه الوظيفة بتشكل بؤر فاسدة تحقق المصالح الشخصية لا العامة، فقد يبقى البعض في منصبه الإداري حتى التقاعد مما يلغي مراقبة القرين والند ويفرض سياسة الأمر الواقع في تقبل الخطأ ويجعل منه مع الوقت عرفا وظيفيا وتقليدا اجتماعيا فيأخذ صاحب هذا المنصب الوظيفي مساحة متضخمة تسمح له بممارسة الأخطاء لفترات طويلة تؤدي إلى كوارث إدارية حقيقية ومخالفات جسيمة يغدو من المستحيل تلافيها أو تداركها.
-
من مديري ؟!:
تعتبر المناصب الإدارية المناصب الأهم والأكثر حساسية من حيث المسؤولية والعبء والتحقيق الأمثل لغايات واستراتيجيات وأهداف المؤسسة ويسبب الخلل في هذا المنصب خللا في صيرورة العمل بأكمله كما يؤثر هذا المنصب تأثيرا مباشرا وهاما وخطيرا على الموارد البشرية في المؤسسات فإما أن يحفزها ويدفع بها نحو العطاء أو أن يعطلها ويعيقها ويقتل حس الإبداع والرغبة في الإنتاج لديها.
من المهم ومن المهم جدا أن يمتلك المدير مجموعة من الخصائص لايمكن في أي حال من الأحوال الاستغناء عنها:
-المؤهل العلمي كثيرا ما نجد وللأسف الشديد مدراء بمؤهلات علمية منخفضة يديرون مؤسسات يكون أغلب العاملين فيها من ذوي المؤهلات العلمية والخبرات العملية الأعلى الأمر الذي يستدعي خللا جسيما في القدرات والتفكير والمهارة ما بين الرئيس والمرؤوس وقد يشكل هذا الأمر عقدة نقص لدى الإدارة فيسعى إلى إثبات عجز وفشل مرؤوسيه ويعمل على تتبع نقائصهم و تصيد أخطائهم ويعجز عن فهم الاستراتيجيات والغايات لموقعه الإداري فلا يدرك مسؤوليته ويعتبر منصبه امتيازا خاصا به لا إنجازا عاما هاما ويستخدم سلطته الممنوحة لتسيير العمل على منحى شخصي ومزاجي بحت وكأنها سلطة نابعة من شخصه لا من موقعه الوظيفي فيعطل شرايين العمل ويقتل روح المؤسسة بأكملها لعجزه عن إدراك غايات موقعه الإدارية وأهدافه وإستراتيجياته من إرشاد وتسيير وإنتاج لا تسلط وتنمر وتعطيل وتتبع للأخطاء والزلات والعثرات فالإدارة مهارة وجدارة ورؤية ومسؤولية لا تنمر وتنطع وتسلط مرضي وعبثي.
-
القوانين :
5-1-إشكالية العمل بروح مكبلة ويدين مثقلتين (القانون مسمار للبناء أم مسمار لجحا):
حيث ينظر إلى القانون على أنه غاية في حد ذاته مع أنه وسيلة لتحقيق الغايات فيتم التعامل مع القوانين تعاملا مقدسا حرفيا من دون الفهم الدقيق للغايات والخطط والاستراتيجيات واستيعاب واقع هذا القانون في كونه تلك الأداة التي تحقق هذه الغايات والأهداف فهو ليس بالأداة الخشبية التي تصبح عائقا لحركة العمل بل هو أداة طيعة تسهل العملية الإنتاجية وتخدمها لذا يجب أن لا يتم التعامل مع القوانين من قبل الإدارات على أنه سلاح أو ميزة استعلائية او مصدر من مصادر القوة والنفوذ والسلطة والهيمنة وكأنما كل الغايات تبدأ وتنتهي من خلال حراسة القانون وتطبيقه تطبيقا حرفيا أعمى من دون إدراك لغاياته الكلية والجزئية القريبة والبعيدة فيتم الإنشغال بالتطبيق الحرفي الجامد للقوانين عن تحقيق الاستراتيجيات الكبرى للمؤسسة أو المنظمة.
إن غاية القانون الأساسية تسيير العمل وتحقيق العدل ما بين الحقوق والواجبات والحرص على المصلحة العامة والخاصة معا وتحفيز العاملين وإضفاء أجواء مريحة تسمح بالإبداع.
أما مع جمود الفهم والتطبيق فيغدو القانون عقبة حقيقية لا منظما وميسرا ولا تعتبر مشكلة التطبيق هي مشكلة القوننةالوحيدة فهناك دوما المزيد.
5-2-قوانين العمل ونظرية xy)) :
وضع دوجلاس ماكريجور أنماطا مثالية حول مفهوم الإنسان وسلوكه ووصف واحد منها بنظرية x والثانية بنظرية y.
نظرية X:
وهي النظرية التقليدية للعامل، فمن مسلمات المدرسة التقليدية تحديد واجب الإدارة بجميع عوامل الانتاج وتنسيقها وبالصورة التي تحقق أكبر نفع اقتصادي وهو نفس الواجب يوم كانت فلسفة القوة والرعاية الأبوية هي الأفكار السائدة، كما أن الإدارة تُعنى بالجمع بين العامل والآلة والموارد والجهود البشرية وبالكيفية التي تعطي أكبر حصيلة اقتصادية، وهي في ممارستها لتحقيق هذا الهدف لا بد لها من أن توجه جهودها البشرية وتهيمن على نشاطاتها وتحدد سلوكها الموثوق من أنها قد استهدفت به تحقيق النفع الذي ترمي إليه الإدارة، وأن ما قدمته من منجزات هو ما تبغيه الإدارة منها، ولولا التوجيه وتلك السيطرة لما تم ما تهدف إليه الإدارة وذلك نتيجة لافتراضها عن حقيقة النفس البشرية ومحددات السلوك التالية:
-
الإنسان بطبيعته سلبي ولا يحب العمل
-
إنه خامل لا يريد تحمل المسؤولية في العمل.
-
يفضل الفرد دائما أن يجد شخصا يقوده ويوضح له ماذا يعمل.
-
العقاب والتهديد بالعقاب من الوسائل الاساسية لدفع الإنسان على العمل( أي أن الإنسان يعمل خوفا من العقاب والحرمان وليس حبا في العمل).
-
لا بد من الرقابة الشديدة على الإنسان لكي يعمل حيث لا يؤتمن الفرد على شيء هام دون متابعة وإشراف.
-
إن الاجر والمزايا المادية هي أهم حوافز العمل.
وعلى أساس هذه الافتراضات اتخذت الإدارة التقليدية الخطط والأساليب الملائمة فسلكت طريقا حيث اتخذت القوة شعارا لها في إدارة جهود الأفراد، وجعلت التهديد والاشراف المحكم وسائلها.
وكانت هذه السياسة عنوان إدارة النصف الماضي من هذا القرن حيث طبقتها واستنفذت كل وسائلها.
إن هذه السياسة التقليدية في إدارة العاملين قد صٌممت لتواجه افتراضات ظالمة في سلوك الأفراد أثبتت بطلانها العلوم الاجتماعية وتجاربها المريرة. كما دحضتها حقائق جاء بها العلم من مختبراته ومن صفوف الدراسة ومن الصناعة لحد معين، حقائق كذبت تلك النعوت التي الصقت بالبشرية واثبتت أنها لم تكن من صفات البشر المورثة ولا من طبائعه، بل أنها أصداء لما تنتهجه الإدارة من خطط دفاعية ضد افتراضات خاطئة في السلوك البشري، حتى ضاع على الإدارة مجهرها في تلمس الحقائق، فاتخذت من النتيجة سببا ظلمت به الجانب الانساني لصناعة اليوم.
نظريةY:
تخالف هذه النظرية أولا تلك الافتراضات في السلوك البشري والتي وصفت البشرية بنعوت حاشى ربك أن يورثها لعباده، تلك الافتراضات التي حجبت النور عن الجانب الإنساني للإنتاج، وتناست دوافع العاملين نحو العمل وهي مفتاح السلوك البشري.
كحاجته لتحقيق الذات، والرغبات الذاتية هذه لا تقل عن بقية الرغبات أهمية، كحاجة الإنسان للثقة بالنفس، وحاجته للكمال والاستقلال، وحاجته لاعتراف الاخرين وتقديرهم، وحاجته لاحترامهم له.وأن تراخيهم في العمل ما هو إلا نتيجة شعورهم بالحرمان الذي ترجم لعمل سلبي، وستبقى الصناعة تعاني ذات الشيء مازالت الإدارة لا تلتفت لغير الحاجات الفسيولوجية مهملة الاجتماعية منها والذاتية والتي لا ينفع بها المال كثيرا كما لا تستطيع الإدارة أن تمنح العاملين الكرامة أو التقدير في أعين الناس ولكنها تستطيع أن تخلق لهم ظروفا تسهل عليهم سد تلك الحاجات والرغبات ولم تكن تلك الظروف التي تخلقها الادارة هي السيطرة والتوجيه أو كلاهما معا.
أن نظريةYإلى جانب ايمانها بدوافع العمل وحاجات العاملين فإنها تحاول تقديم فروض اخرى تفسر بعض مظاهر السلوك الإنساني:
-
إنها تنظر للعاملين على طبيعتهم الحقيقية كبشر لم يخلقوا ضد آمال وأهداف الإدارة.
-
ليست الإدارة هي التي تضع العاملين في مواضع الاحساس وتحمل المسؤوليات وتوجيههم نحو أهدافها، بل إن كل ذلك مغروس في نفوس العاملين، وما على الإدارة سوى إعانتهم على تطوير واكتشاف تلك الصفات الإنسانية تحقيقا لأمانيهم وإعانتهم على تحقيق أهدافهم وتوجيه أنفسهم بجهودهم الخاصة توجيها يؤمن تحقيق أهداف الإدارة وأهدافهم، تلك السبل التي لا تتعدى التشجيع وإتاحة فرص التقدم، وإطلاق آفاق المستقبل أمام الطامحين، وبهذا تستبدل إدارة الامس (بإدارة الأهداف) وهو مفهوم جديد نسبيا في الإدارة.
-
إن الإنسان يطلب الحرية في العمل والتحرر من القيود وهو يفضل أن يكون قائدا وليس تابعا، ولهذا آمنت إدارة الأهداف في تشجيع النقد الذاتي كوسيلة لتقييم العاملين ورقابتهم.
-
كما آمنت إدارة الأهداف بأن الإنسان يعمل أملا في المكافأة لا خوفا من العقاب.
-
تلك هي فروض النظرية الحديثة والتي اشاعت أسلوب الإدارة والاشراف الديموقراطي الذي يسمح للأفراد بحرية العمل وشجبت الأساليب التسلطية في الإدارة مادامت لا تتفق والطبيعة البشرية.
-
القوانين مابين التعزيز والعقوبة :
-
العقوبة والتعزيز إشكالية قانونية حقيقية فلو تأملنا قوانين العمل لوجدنا فيها ميلا نحو الرقابة الصارمة على العامل والعقوبة المادية والمعنوية في حين لا نجد في المقابل ما يكفي من آليات التكريم والتعزيز والتحفيز.
في حين تطمح سوريا عبر استراتيجياتها العليا إلى تنمية مواردها البشرية وتحفيز الإبداع لديها الأمر الذي يستدعي حاجة ملحة إلى تعديل قوانين العمل لتتماشى مع طموح سوريا اليوم دولة وإنسانا ولتدفع بالمورد البشري إلى أقصى طاقاته الإبداعية والإنتاجية ولا يمكن اعتبار التعديل في القوانين مشكلة القوننة الوحيدة بل هناك إشكالية أخرى تتمثل بــ
-
القوننة ما بين المزاجية والتعطيل :
قد تكمن الإشكالية الحقة ليس في واقع النص القانوني فقط بقدر ما هي في حقيقة تسييره وتعطيله لدى البعض تبعا للمزاج والهوى وسوء الفهم.
-
إشكالية القوننة الداخلية الإدارية ( القرارات ) :
إذ تعيد الكثير من الدوائر قولبة النص القانوني بشكل يخالف ظاهرا أو باطنا النصوص القانونية العامة إذ تأتي بقرارات داخلية تتعارض تعارضا صريحا مع القوانين العامة كالعطل الرسمية مثلا فقد تلزم بعض الوزارات عامليها بالدوام فيها من دون تعويض بحجة احتياجات العمل وبالطبع تحت طائلة العقوبة والملاحقة الرقابية وفي ذلك مخالفة صريحة للقوانين العامة الدستورية أو الجمهورية.
6-الهدر :
ليس الهدرهو ذاك المتعلق بالمال والمنتج فقط بل إن أعظم أنواع الهدر هو ذاك المتعلق بالزمن والمتصل بالمورد البشري ذاته عبر هدر طاقاته في عبثية محضة لا طائل منها.
(الزمن) : نحن وللأسف لا نملك هذا الفهم الصحيح للزمن عند إدارتنا للمورد البشري لذا لا بد من التمييز بين زمنين تكمن مشكلتنا بينهما.
الزمن الوظيفي والزمن الإنتاجي
أما الزمن الوظيفي فهو يختصر واقع الهدر لطاقة المورد البشري وهو ذاك الزمن النمطي الذي يلزم العامل بالحضور سواء عمل أم لم يعمل من الساعة كذا وحتى الساعة كذا.
أما الزمن الإنتاجي فهو ذاك الزمن المثمر طال أوقصر وتنحسر القيمة في نوعية المنتج وكمه لا في الكم الزمني الأمر الذي يحقق الإدارة الأمثل للزمن ويحفظ العامل حتى ضمن ذاك المنطق المادي الجامد الذي يعتبره أداة من أدوات الإنتاج، يحفظه من ذاك التشغيل العبثي والاستهلاك المبكر لطاقاته على الصعيد النفسي والإنتاجي والصحي.
7- الآلية التعويضية واستعادة القيمة :
قد ينتج عن الإحساس بالتهميش وانعدام التعزيز والمكافأة على الإنجاز والمعاناة من تنمر الجانب الإداري وتسلطه إلى سقوط العامل وسط آلية تعويضية يحاول فيها استعادة القيمة ويمارس ما مورس عليه مهما كان موقعه بسيطا فيحاول إلقاء الأوامر والتنمر والتسلط على محيطه ومن يتعامل معه في استغلال لمساحته الوظيفية الضحلة والمهمشة لتضخيمها وتعويض ذاته مما يؤدي إلى عرقلة عمله وضياع إحساسه بقيمته ودوره الحقيقي.
الحلول :
-
تجارب الآخرين اعتبار لا انبهار :
تعتبر التجربة اليابانية والصينية التجربة الأهم من حيث النهضة الاقتصادية والتعافي بعد الانكسار والإنجاز بعد الفشل ولملمت الشعث وتحقيق الحذوة والقدوة والمثل ومن حيث إثبات جدارة وقدرة مواردها البشرية.
-
اعتمدت الصين على الكم البشري الهائل فاختارت النخبة واعتمدت التنافسية في أقصى حالاتها لتختار أفضل العقول للمناصب الإدارية العليا والعلوم فحققت بهم نهضتها الحديثة قد لا نستطيع الاحتذاء بالتجربة الصينية كاملة كونها تتمتع وتعتمد في تجربتها على الكثافة السكانية العالية لديها ولكننا نستطيع بالتأكيد الاقتداء بها من حيث وضع أفضل العقول في المناصب الإدارية وفي مواقع التخطيط الاستراتيجي والاقتصادي.
-
اعتمدت اليابان أسلوب الجودة الشاملة ونهضت بإنسانها وبموردها البشري كاملا واستطاعت كلا البلدين النهوض من أزماتها فجاءت يقظة اليابان بعد خسارتها في الحرب العالمية الثانية وافتقار صناعتها إلى الجودة وجاءت نهضة الصين بعد أن عانت ردحا طويلا من الانطواء على الذات وطمع الطامعين ومن حرب الأفيون البريطانية ومجاعة الصين الكبرى ثم استيقظت أخيرا مدركة استراتيجياتها العظمى، وسوريا اليوم تستطيع أن تنفض عنها آلامها وتحدد استراتيجياتها التي ستنهض بموردها البشري كما نهض به غيرها.
-
توفير فرص العمل للشباب في سن صغيرة وإدخالهم الحياة العملية في القطاعين الخاص والعام ودعم المشاريع الصغيرة دعما فعليا وممنهجا ليدخل ضمن الاستراتيجيات الكبرى للدولة ويوضع ضمن أولوياتها.
-
إعادة منهجة المناهج التعليمية بشكل تكاملي وواقعي من حيث التنظير والقابلية للتنفيذ ضمن البيئة والإمكانات السورية الحالية لا أن يكون جزئيا أو عشوائياوليتماشى مع النظرة الاستراتيجية الكلية ويتلاءم مع طموح سوريا اليوم واحتياجات سوق العمل الحال والمستقبلي
-
تكوين بيئة خصبة للإبداع عبر التخلص من المياه الراكدة من حيث تنويع الحياة الوظيفية للعامل وبالتالي تنويع مهاراته وقدراته وتحديد مدة زمنية وجيرة للمناصب الإدارية.
-
استبدال التنافسية السلبية بتكاملية ضمن بيئة العمل.
-
التطوير المستمر لقوانين العمل وتنفيذها بالشكل الأمثل وإلغاء التناقضات الصادرة من بعض المؤسسات على صعيد القرارات.
-
الغاء الهدر بكافة أنواعه التركيز على الزمن الإنتاجي لا الوظيفي.
-
التخلص من البطالة المقنعة عبر التوزيع المتناسب ما بين احتياجات العمل وعدد العمال ووضع صاحب المؤهلات في المكان الذي يناسب مؤهلاته ويحفز إبداعه ووضع منظومة قانونية ملزمة لتحقيق ذلك.
-
التركيز على التحفيز والتعزيز وتشجيع التميز ومراعاة احتياجات العاملين وحقوقهم في كلا القطاعين وفي حال ضعف الجانب المادي فلا يجب التخلي والتجاهل للجانب المعنوي.
-
إقامة دورات تدريبية شاملة لا انتقائية تنمي المورد البشري مهما كان موقعه الوظيفي.