الدعم الاقتصادي الفعال
تحيز الاختيار والتفكير خارج الصندوق:


عانت بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية من معضلة كادت تخسر الحرب بسببها وهي سقوط كثير من الطائرات الحربية بسبب دفاعات الألمان، لذا فكر المهندسون في وضع دروع من الحديد الصلب ليحميها من القذائف، ولكن تدعيم كامل الطائرة غير ممكن لزيادة الوزن، وقد لاحظوا أن الطائرات التي تعود كانت مصابة في الجناحين ومنتصف الطائرة بشكل مكثف، في حين أن كابينة الطيار والذيل لم تمسا تقريباً، وبالتالي توصلوا إلى استنتاج مهم: نحن بحاجة إلى تدعيم الجناحين ومنتصف الطائرة، وبالفعل تم التدعيم للطائرات الجديدة وترقب المهندسون النتائج. لم يحدث أي تغير إيجابي فما زالت أغلب الطائرات تتحطم في ميدان المعركة والقليل منها يعود، إذن أين الخلل؟ لذا قرروا الاستعانة بأحد الخبراء، وهنا كانت المفاجأة، أخبرهم أنهم ببساطة استخدموا منطقاً معكوساً للنظر في تلك المسألة، فالطائرات التي فحصها المهندسون والتي تلقت الرصاص في الأجنحة وفي المنتصف هي الطائرات التي عادت، أي أنها تحملت الرصاص ولم تسقط، بينما لم تعد طائرة واحدة مصابة في كابينة الطيار أو الذيل، بما يدل على أن هذه هي الأماكن الهشة فعلاً وهي التي بحاجة إلى تدعيم، وبالفعل ارتفعت نسبة الطائرات الناجية بمعدل فارق..

هذه القصة صارت فيما بعد نموذجاً لما يسمى بتحيز الاختيار، والذي يعني أن تحليل المعلومات قد يخضع لعملية انتقائية بناءً على معلومات غير دقيقة، مما يقود إلى نتائج غير صحيحة، وهذا ما يسمى في علم الإدارة بضعف الكفاءة، فالكفاءة العالية تعني تحديد المشكلة بدقة لكي يتم اختيار أساليب الدعم الفعالة في المعالجة.

 

تعريف الدعم الاقتصادي: هو شكل من أشكال المساعدات المالية أو الإعانات المقدمة إلى فئات أو قطاعات محددة سواء كانوا كيانات اقتصادية أو شركات أو أفراد، وذلك بهدف تعزيز السياسات الاقتصادية والاجتماعية

 

أنواع الدعم: للدعم أنواع عديدة أهمها الدعم المباشر والدعم غير المباشر، دعم سلع استهلاكية ودعم سلع إنتاجية، دعم قطاعات صناعية أو زراعية ودعم رياد الأعمال ودعم أسر، دعم سلع مثل خبز ومازوت ودعم خدمات مثل تعليم وصحة وكهرباء ونقل، دعم نقدي ودعم عيني ودعم سعري والدعم بالتخلي عن الاقتطاع، دعم مشاريع استراتيجية ودعم طوارئ ببعض حالات الأزمات، دعم حكومي ودعم خارجي ودعم مجتمع مدني، دعم مؤقت لفترة معينة ودعم دائم ودعم لمرة واحدة منح أو إعانات، دعم لكافة القطاعات (مثل الحمائية ومنع الاستيراد أو تخفيض قيمة عملة بحالة توفر عوامل إنتاج غير مستغلة) أو دعم لجميع الأفراد أو دعم انتقائي مثل دعم الطلاب أو فئة من المستهلكين التي تستحق الدعم، الدعم بالاستملاك والتأميم والاحتكار أو الدعم بالتنافسية، دعم حقيقي بعد تأمين الرواتب الحقيقية والخدمات الحقيقية ودعم وهمي (إما بتخفيض الرواتب ومن ثم إعطاء دعم، أو تخفيض جودة خدمة التعليم أو الصحة بحيث يؤدي إلى هروب الكفاءات وهجرة العقول وانتشار الفساد).

 

أهمية الدعم:

 

  1. سياسات الدعم من السياسات المهمة التي تستخدم من قبل الأنظمة المختلفة لتحقيق أهداف تختلف من نظام لآخر حسب الهياكل الاقتصادية لهذه الأنظمة، مثل دعم قطاع حكومي أو دعم صناعة تنافسية أو دعم اتجاهات مستقبلية.
  2.  الدعم هو مجموعة من السياسات والبرامج التي تنتهجها الحكومة لضمان توفير السلع والخدمات المدعومة للمواطن أو لمنظمات الأعمال والخدمات.
  3. تعتبر سياسة الدعم أحد أدوات السياسة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للحكومة، ولضمان مستوى معيشي أفضل للفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود.
  4. تقوم الدول بتطبيق مفهوم الدعم الاقتصادي، لتقليل وإصلاح الفجوة بين فئات الشعب وتقنين التباين بين الدخول لدعم النمو الاقتصادي وتقارب مستويات الدخل.
  5. أيضا قد تلجأ الدول إلى الدعم لأغراض سياسية، فأغلب البرامج الانتخابية تعد بخفض أسعار السلع الأساسية لزيادة شعبيتها، ففي حالة وقوع أزمات سياسية أو ثورات تلجأ بعض الأنظمة لزيادة الدعم لبث الطمأنينة واستقرار الأوضاع.
  6. وفي بعض الأحيان يستهدف الدعم الحكومي تثبيت أسعار السلع لإبقائها في متناول المستهلك والمنتج.

 

مخاطر الدعم:

 

  1. انتشار الفساد والرشاوي بهدف سرقة الدعم وإعادة توجيهه.
  2. زيادة حجم اقتصاد الظل للاستفادة من الدعم من جهة ولبيع مسروقات الدعم من جهة أخرى.
  3. احتمالية ذهاب الدعم لغير مستحقيه واستفادة الفئات الغنية منه، مثل دعم المواد الأولية المستوردة بسعر تفضيلي ودعم المنتج النهائي بسعر مدعوم.
  4. احتمالية زيادة مديونية الدولة بسبب الإنفاق الحكومي المتزايد وبالتالي زيادة عجز الموازنة.
  5. زيادة التضخم في حال تمويل العجز من خلال طباعة النقود والتيسير الكمي والديون من المصرف المركزي.
  6. إرهاق قطاع الأعمال في حال تم تأمين الدعم من الضرائب وبالتالي هروب الاستثمارات.
  7. تراجع جودة المنتجات نتيجة دعم الحمائية وخاصة في حال منع الاستيراد أو منع التنافسية
  8. تشوه واختلال نظام الأسعار (ارتفاع بعض الأسعار بشكل أعلى بكثير من الأسعار العالمية، وانخفاض أسعار سلع أخرى بشكل كبير)، وتشوه قوى الطلب بزيادة الطلب بشكل كبير جدا على السلع المدعومة الأمر الذي يؤدي لزيادة العجز، وخاصة عند  دعم الصناعة من خلال إيقاف الاستيراد مما يؤدي الى ارتفاع الأسعار وتراجع جودة المنتج المحلي وتراجع الصادرات وزيادة تعرفة التهريب وهروب الأموال التي كانت تعمل بالاستيراد وتجارة المواد.

وبالتالي هناك سلبيات لبعض أنواع الدعم أو أساليب تمويله تؤدي الى زيادة التشوه الهيكلي والفساد والفقر والعجز وارتفاع الأسعار وانهيار العملة وهروب الاموال ونشوء طبقات طفيلية فاسدة جديدة.

 

شروط نجاح الدعم:

لكي نضمن نجاح الدعم يجب توافر بعض الشروط:

  1. تكون مفاعيل وآثار الدعم لإفادة المنتجات المحلية، فعند دعم سلع مستوردة نساهم بزيادة فاتورة الاستيراد وزيادة العجز.
  2. يكون الدعم لمحتاجيه حصراً وضمن الإطار الأقل.
  3. يكون الدعم حقيقياً وليس وهمياً، بمعنى أن لا يكون على حساب الحد الأدنى من الأجور، فمثلا الحد الأدنى من الأجور في مصر 152.5 دولار (2400 جنيه) وفي الأردن (260 دينار حوالي 390$) ، المغرب 267$، الجزائر 255$، موريتانيا 133$، وفي فلسطين 420$، والسودان 61$.
  4. أن يكون فعالاً بحيث لا يؤدي إلى تشوه الاقتصاد أو هروب الاستثمار أو هجرة العقول.
  5. أن يتم تأمين مصادر تمويل الدعم من خلال القروض والسندات الداخلية أو زيادة قيمة الضرائب نتيجة تحسن مناخ الاستثمار وليس من خلال الاقتراض من المصرف المركزي أو الديون الخارجية أو زيادة الضرائب بشكل جائر.
  6. أن يترافق  الدعم بزيادة الاستثمار وجهات العرض، لأن الهدف الأول الاقتصادي هو زيادة الإنتاج، وأي دعم يؤدي إلى تراجع الإنتاج فهو ذو أضرار اقتصادية ويؤدي إلى زيادة الغرق.

 

الإطلاع على التجربة المصرية في الدعم:

اعتمدت مصر في سياسة الدعم على حزمة سياسات دعم اقتصادية طبقتها معاً دفعة واحدة وهي:

  1. بعد تخفيض سعر صرف الجنيه في عام 2016 تم رفع سعر الفوائد والعوائد إلى 17 و 18% في السنوات الأولى للحفاظ على الجنيه المصري كحافظ للقيمة وكوسيلة للادخار.
  2. دعم التصدير من خلال صندوق دعم الصادرات الذي يصل إلى 10% من قيمة الصادرات.
  3. تشجيع الاستثمار وإعفاءات ضريبية ومزايا عقارية وتوظيفية وبنكية من أجل دعم الصناعة.
  4. جذب السياحة الخارجية ودعم السياحة الداخلية من أجل تسريع العجلة الاقتصادية.
  5. زيادة الاستثمار في قطاع النقل والطاقة من أجل تحسين مناخ الاستثمار وتخفيف الدعم تدريجياً على هذين القطاعين لتخفيض العجز، حتى تحول قطاع الكهرباء لقطاع ربحي في الآونة الأخيرة.
  6. دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بقروض بفوائد مدعومة من قبل الحكومة لدعم الصناعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
  7. تخفيض تدريجي للدعم لأغلب السلع و تقييد الدعم ببطاقات أسرية.
  8. رفع الحد الأدنى من الأجور عدة مرات لكي يغطي أغلب الاحتياجات الأساسية، وحاليا أوقفت بطاقات الدعم للأسر الجديدة.
  9. الاعتماد على الاقتراض الخارجي والاستثمارات الخارجية لزيادة العرض والإنتاج بحيث لا تؤدي زيادة الإنفاق لزيادة الأسعار.

من خلال تقييم التجربة المصرية نجد أنها حققت نجاحاً كبيراً في تحسين الإنتاج وتحسين مستويات الدخل وتخفيض التضخم وفاتورة المديونية الداخلية، وتخفيض عجز الموازنة إلى 3.6% من الناتج المحلي، مع ارتفاع كبير بقيمة الفوائد (تصل إلى 40% من قيمة الموازنة لكلية المقدرة ب 660 مليار جنيه) وارتفاع حجم المديونية الخارجية. والتحدي الأهم لهذه التجربة في الفترة القادمة أنها إذا استطاعت تحقيق وفورات من الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها واستطاعت الاستمرار بجذب السياحة والاستثمار وتشجيع الصادرات وتخفيض الدعم فإنها تستطيع من هذه الوفورات دفع فواتير المديونية الخارجية.

 

التجربة السورية في الدعم الاقتصادي:

 

تراجع حجم الإنفاق الحكومي (مقوم بالدولار) في العقد الأخير نتيجة الأزمات التي تمر بها سورية، ومع زيادة الدمار والعقوبات والفساد أدى ذلك لتفاقم الأزمة، الأمر الذي أدى لإنتشار الفقر بشكل كبير، وتقدر بعض الدراسات نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى بسورية قرابة 90% (وهو 1.9 دولار للمواطن يومياً). مع وجود عدة أزمات أخرى مرتبطة بسعر صرف العملة والتضخم، مما دفع الحكومة في الآونة الأخيرة لوضع حزمة الدعم التالية:

 

أولاً-  إجراءات مرتبطة بدعم الليرة:

 

  1. صرف دولار الحوالة بسعر 2550 في حين السعر بالسوق قرابة 3550، بهدف تعزيز إيرادات المصرف المركزي، وهذا أدى لانتشار سوق سوداء للحوالات وعدم تشجيع السوريين المغتربين على التحويل.
  2. إجبار المصدر على تحويل 50% من صادراته لليرة السورية بسعر قريب من السوق الحرة وعد احتفاظه بها لصالحه، مما أدى لعدم التشجيع على التصدير.
  3. إجبار أي مواطن قادم إلى سورية على صرف 100 دولار بسعر المركزي.
  4. مع بعض الإجراءات الإيرادية الأخرى مثل رفع سعر إصدار الجوازات وبشكل أخص للمواطنين المقيمين خارج سوريا، وواجب دفع بدل الجيش للمغترب بالسرعة القصوى.
  5. تقييد الاستيراد بشكل كبير وخاصة لغير السلع الغذائية والدوائية والطاقة.
  6. تخفيض السيولة بالسوق من خلال وضع شروط على تمويل رأس المال العامل، وسقوف للسحب اليومي وسقوف للحوالات، وتجميد مبالغ عند كل عملية شراء أو بيع لأصل ثابت (سيارة أو عقار)، وهذا الإجراء يؤدي لدخول الاقتصاد في مرحلة ركود نتيجة لإبطاء سرعة دوران النقود.
  7. محاربة سوق الصرافين غير النظامي.

 

ثانياً- إجراءات مرتبطة بدعم الصناعة:

 

  1. منع استيراد أي صنف يتم تصنيع شبيه له، مما أدى لارتفاع أسعار السلع.
  2. السماح للصناعي باستيراد مواده نصف المصنعة ومنع بقيمة المستوردين من ذلك، وقد أدى هذا الإجراء إلى إرهاق الصناعي من ناحية التمويل دون حصوله على أية تسهيلات مصرفية.
  3. محاربة سوق التهريب في العاصمة دمشق وبعض المدن الأخرى، وتشير بعض التقارير إلى استمراره في محافظات أخرى وبالتالي وجود منافسة غير عادلة.

 

ثالثاً- إجراءات لترشيد الدعم للمستهلك وتخفيض العجز الحكومي:

 

تم بأربع سويات: سعر، عدد وحدات، عدد أسر أو مستحقين دعم، وزيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم وأسعار الخدمات والغرامات.

  1.  رفع تدريجي لأسعار السلع المدعومة مثل الخبز والمازوت والبنزين والكهرباء.
  2. تخفيض كميات المواد المدعومة المخصصة للأسر.
  3. تقليل عدد الأسر التي تستحق الدعم (مثل استبعاد الأسر التي تملتك أسهم أو ملكيات شركات أو حصص ببعض الشركات أو عمر سيارة وغيرها من الإجراءات التي تتسارع في الآونة الأخيرة)
  4. القيام بحملات كبيرة على التجار والصناعيين من مختلف الأجهزة الحكومية (المالية، الاستعلام الضريبي، الجمارك، المصرف المركزي، التموين، المحافظة) بهدف زيادة إيرادات الحكومة وبأثر رجعي وأرقام غرامات كبيرة تهدف لزيادة إيرادات الحكومة، وهذا الإجراء مع تقييد أعمال التجارة (منع الاستيراد) وفي ظل عدم توفر المواد الأولية والوقود أدى ذلك لارتفاع تكاليف الصناعة السورية بشكل كبير انعكس سلباً على الأسعار والقدرة التنافسية الخارجية.

 

رابعاً_ إجراءات بزيادة الحد الأدنى من الأجور: حيث ارتفع إلى قرابة 27$ وهذا الإجراء غير كافي، إذ يجب وضع خطط لرفعه إلى 100$ بالسرعة القصوى لأنه هذا الحد الذي تستطيع فيه الحكومة تقييد الدعم وتخفيضه.

بعض المقترحات  للدعم الفعال:

1- استبدال دعم السعر بدعم مادي نقدي (على حسب أعداد الأفراد في الأسرة وللذي يستحق)، يتم إيداعه في بطاقات دفع، وتعامل البطاقة معاملة بطاقات الدفع الالكتروني. بحيث تخفض الحكومة الدعم غير المباشر للسلع وبمقدار الوفر تقوم بالدعم النقدي لمرحلة ريثما يتم إصلاح نظامي الأسعار والأجور.

2- تركيب أجهزة نقاط بيع في المؤسسات الاستهلاكية العامة والأفران ومحطات الوقود تستخدم من خلالها بطاقات الدفع، ويهدف هذا الإجراء إلى ثلاث نقاط، الأولى أن لا يتحول هذا الدعم إلى تضخم اذا تحول لنقدية تذهب الى السوق مباشرة، والثانية أن تستفيد الحكومة اقتصادياً نتيجة ارتفاع مبيعاتها، والثالثة تخفيف السرقة في المؤسسات الاستهلاكية العامة ( إذ تقوم بتخفيض رقم المبيعات عن طريق التلاعب بالفواتير) فعندما تتحول الفواتير الى مبيعات بنكية يصعب التلاعب بها، بالإضافة إلى أن الدعم سيساهم في تحريك البضاعة الراكدة.  

3- البدء مباشرة بإصلاح كل من الرواتب والأجور بزيادتها تدريجياً، ورفعها لكي تتجاوز 100$ من أجل تحسين القوة الشرائية للمواطن، الأمر الذي يشجع على عودة الاستثمارات. فقد قام  القطاع الخاص بتعديل رواتب موظفيه ويقوم بدفع مصاريف عالية، لكن لقوة الشرائية لأغلب المواطنين مازالت ضعيفة.

4- إصلاح نظام الأسعار بالسماح بالاستيراد لكافة السلع مع رسوم جمركية مرتفعة في الفترة الاولى ومن ثم تبدأ بالتخفيض، فالاستيراد المسموح يخفض التهريب ويخفض الأسعار ويرفع الجودة ويمنع الاحتكار ويزيد إيرادات الحكومة. مع ربط الاستيراد لأي مصنع بنصف قدرته التصديرية، وبالتالي تشجيع التصدير.

5- دعم الصادرات بإلغاء تعهد إعادة القطع (إن وجد في بعض الدول) واعطاءه مزايا ضريبية وتمويلية حقيقية، فالدول تدعم صادراتها لأنها وسيلة أساسية لدعم الاقتصاد.

 

وفي مايلي بعض الأفكار خارج الصندوق للدعم الفعال وتحسين إيرادات الحكومة بدون آثار سلبية:

 

  1.  إعطاء عطلة اسبوعية لمدة ثلاثة أيام من الخميس الى السبت في القطاع الحكومي الإداري غير الإنتاجي (ماعدا التعليمي والصحي والمعامل) لمدة ست أشهر، هذا الإجراء سيخفف استهلاك الكهرباء والمواصلات والمازوت ويحسن دخل الموظفين الذين ينفقون رواتبهم على المواصلات ويخفف من مخاطر فيروس كورونا المتحور الجديد (وعدة حكومات في العالم حالياً تتبع هذه الطريقة بسبب كورونا).
  2. السماح للأبنية السكنية (وليس الفلل أو المزارع)  في المناطق المنظمة بترخيص طابق إضافي يعود ريعه للبناء شريطة تحويل البناء إلى بناء متوافق مع البيئة من حيث اعتماده على الطاقة النظيفة (الشمسية او الرياح) وتحسين جمالية البناء من حيث الدهان والرخام وفق شروط محددة. مما يؤدي الى وفرة العقارات وتخفيض أسعارها، إضافةً الى إفادة المعامل وورشات البناء، وبالتالي تتحرك العجلة الاقتصادية.
  3.  تعديل قانون الضريبة على إيجار العقارات ليشمل الأبنية الحكومية والقطاع العام ووزارة الأوقاف لأن جزء من هذه الإيجارات يكون بأجور رمزية، وبهذا يتم الحد من الفساد مع تحسين ايرادات الحكومة ووزارة المالية بشكل كبير.
  4. السماح بالتصدير لكافة السلع ودعمه وعدم منعه أو إيقافه لأن التصدير يولد عملات اجنبية وبالتالي يساهم باستقرار سعر الصرف ومعدل التضخم، ويشجع المزارعين والمستثمرين على زيادة إنتاجهم بالأعوام التالية لتلبية الطلب المحلي والخارجي، مع ضمان عدم خسارة للأسواق الخارجية بسبب قرارات المنع.
  5. تنظيم الأراضي وتوسيع مخططات المدن، وتوزيع الأراضي ضمن القرى الريفية بمساحة ٢٠٠ متر منظمة وبأسعار رمزية لفئة الشباب الذي لا يمتلك عقار، شريطة أن يبني هذا العقار خلال سنتين. مع وضع شروط بناء قرى حديثة متوافقة مع البيئة مع إجبار قاطني هذه القرى على توفير مستوى خدمات وحماية بيئة بما فيها الكهرباء والطاقة الشمسية. وبالتالي حل مشكلة المنازل وتخفيض أسعارها وتحسين مناخ الاستثمار وزيادة الطلب على الصناعات المحلية المرتبطة بالعقارات.
  6. تعديل قوانين الضريبة وإعفاء الربح الوهمي الناتج عن التراجع الكبير لسعر الصرف من الضرائب سواء بقائمة الدخل أو بريع العقارات أو بإعادة تخمين الأصول، لأن مفهوم الضريبة هي أخذ الحكومة جزء من ربح المشاريع وليس أخذ جزء من رؤوس اموال المستثمرين، مع إعطاء مزايا تحفيزية لمدة خمس سنوات (حسم جزء من الضريبة أو قروض ميسرة للشركات التي تعترف بأرقامها الحقيقية) لكي تتحول وزارة المالية لمحفز على الاستثمار وليس منفر.
  7. بدل داخلي لخريجين الجامعات: فالشباب السوري يؤجل تخرجه لعدة سنوات للتهرب من خدمة العلم ومن ثم ينفق أمواله على السفر وفي الخارج، فتخسر الدولة الأموال والعقول. يجب أن يكون البدل الداخلي مرتبطاً بالشهادة الجامعية ليضمن تحسن مستوى التعليم في المجتمع، وأن يكون بقيمة منخفضة لكي يشجع الشباب المهاجر على العودة إلى سورية، فيكون البدل للمقيم أقل من بدل المغترب، وربطه بالإقامة في سورية بعد دفع البدل ما لا يقل عن سنتين، وبالتالي إيقاف هجرة الأموال والشباب.
  8.  فتح وديعة ليرة - دولار : وبالتالي إعادة الثقة بالليرة السورية والمصارف السورية وتوليد عملات أجنبية بشكل افتراضي كبير يساهم برفع عرض هذه العملات وبالتالي تخفيض سعر الصرف.
  9.  زيادة معدلات الفائدة أو الربح على الودائع لكي تساهم بكبح جماح التضخم ويجب أن تكون فوق ١٨% في المرحلة الأولى حتى تستعيد الليرة قوتها والثقة بها.

10-مراجعة التمويلات الجديدة الكبيرة للأفراد والشركات غير الصناعية أو الزراعية أو التعليمية أو الطبية أو التطوير العقاري التي تمت منذ منتصف ٢٠١٩ حتى منتصف ٢٠٢١ والبحث عن أماكن إنفاق هذه القروض، لأن معظم هذه القروض يتم تحويله إلى دولار وبالتالي ربح المقترضين لأموال طائلة على حساب المودعين وعلى حساب الليرة السورية.

11-دعم المشاريع الصغيرة الحقيقية بتمويلات ميسرة ومعدلات ضريبية مخفضة بهدف تشجيع الشباب على فتح مشاريعهم الصغيرة، فمعدلات الضريبة العالية أدت إلى قتل أي إبداع أو مبادرة (فالمعدلات المنخفضة تضمن استمرار التمويل الضريبي للحكومة وتشجيع المشاريع الصغيرة).

12-فتح تسعيرتين للسلع المدعومة من الحكومة سعر مدعوم وسعر حر وبالتالي إيقاف السوق السوداء، فسعر المازوت بالسوق السوداء فوق ٣٠٠٠ (حوالي ١دولار لليتر) ومتوفر بينما لا يوجد تعبئة بالسعر المدعوم، فبدل ان يتحول الفرق للسوق السوداء وتجار الأزمات تأخذه الحكومة وبهذا الفرق تحسن الرواتب والأجور لموظفيها.

وفي النهاية.. كلما ازدادت الشفافية والمحاسبة، وساد الفكر التعاوني بين الحكومة والقطاع العام من جهة والقطاع الخاص من جهة أخرى، كلما ارتفعت كفاءة إدارة القطاع العام لقطاعاته وتحول الدعم من دعم مادي الهدف إلى دعم متعدد الأهداف وفعال، كلما أدى ذلك إلى زيادة فعالية الدعم ودوره وتخفيض سلبياته.

 

د. رازي محي الدين

قسم المعلومات
...

  • الجوال : +963 988 212212
  • البريد الإلكتروني : econ.sy@gmail.com