الاقتصاد السياسي ( للأزمة / الحرب ) السورية
حلقة نقاشية في مقر جمعية العلوم الاقتصادية السورية للدكتور منير الحمش:


بداية وبعد الترحيب بالحضور الكريم، لا بد من تقديم الشكر لمجلس إدارة الجمعية على إعداد هذه الحلقة لهذا الموضوع الهام، وعلى موافقته على قيامي بإعداد ورقة العمل لهذه الحلفة.

     *             *                  *                  *

ربما يتساءل البعض لماذا استخدمت تعبير أو مصطلح الاقتصاد السياسي ؟!

وجوابي على ذلك، أن مصطلح ( الاقتصاد السياسي ) هو أكثر تعبير عن المسألة التي نحن بصددها ومنذ بداية الاهتمام بعلم الاقتصاد كان المصطلح المستخدم هو ( الاقتصاد السياسي )، نجد ذلك في كتابات منظري  علم الاقتصاد الأوائل ( سميث – ومالتوس وريكاردوا )، كما نجده لدى الفيز وقراط الفرنسيون.

لكن ومنذ أواخر القرن السابع عشر بدء مصطلح ( الاقتصاد ) يحل تدريجياً محل ( الاقتصاد السياسي ) ومع ظهور النمذجة الرياضية، أصبح علماء الاقتصاد من أنصار الأساليب الرياضية والايجاز، ومنذ عام 1910 بدأ مصطلح ( الاقتصاد ) يتفوق على مصطلح ( الاقتصاد السياسي )، إضافة إلى أنه يشير إلى الدراسة الضيقة للاقتصاد الذي تغيب عنه الاعتبارات السياسية والاجتماعية،  بينما يمثل الاقتصاد السياسي مقاربة مميزة للواقع الاقتصادي بأبعاده السياسية والاجتماعية. ويستخدم الليبيراليون الاقتصاديون الجدد مصطلح (الاقتصاد) فقط مع تماديهم في استخدام المعادلات الرياضية و النمذجة ، وانكارهم للأبعاد السياسية والاجتماعية للاقتصاد.

ومصطلح (الاقتصاد السياسي) لا يتنكر للمعادلات الرياضية و النمذجة، ويستخدمها حيثما يكون ذلك ضرورياً دون أن يغرق في دهاليزها ويضيع في طلاسم معادلاتها، ويظل متمسكاً بالأبعاد السياسية والاجتماعية للاقتصاد كمدخل رئيسي لدراسته العلمية.

     *             *                  *                  *

وقبل أن أبدأ في بيان محاور البحث، لا بد لي من الاشارة إلى ظهور معطيات جديدة على مسار (الأزمة / الحرب) السورية، وذلك في المستويات الداخلية والاقليمية والدولية.

  • فعلى المستوى الداخلي بدا واضحاً حتى الآن انسداد أفق الحل السياسي.
  • وعلى المستوى الاقليمي برز تسابق بعض الدول العربية إلى إجراء تطبيع مع الكيان العدو الاسرائيلي.
  • وعلى المستوى الدولي تتفاقم تداعيات جائحة (الكورونا – كوفيد 19)، وتتعاظم تداعيات العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا.

وتبدو آثار وتداعيات الجائحة والحرب ، في التأثير البارز على الأمن الغذائي العالمي وعلى الطاقة من خلال ما يحصل من اختلالات في سلاسل الامداد للغذاء والطاقة.

     *             *                  *                  *

سوف أعرض موضوع البحث من خلال المحاور التالية:

أولاً: نظراً للدور الكبير للولايات المتحدة فيما حصل ويحصل في سورية، فإننا نبدأ بالإجابة    

      على سؤال مركزي وهو: ماذا تريد الولايات المتحدة من سورية؟

ثانياً: كيف تم إعداد (مسرح) الحرب والارهاب ؟ ( السياسات الاقتصادية – العقوبات  الاقتصادية)

ثالثاً: النتائج الكارثية على الاقتصاد والمجتمع السوري.

رابعاً: الخروج من المحنة. ولماذا يتأخر الحل.

 

وقبل أن أبدأ في استعراض هذه المحاور، أشير إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن ما جرى ويجري في سورية والمنطقة العربية، يجري في سياق تغيرات في النظام العالمي وفي العلاقات الدولية، وأعني بذلك أن العالم يمر الآن في مرحلة دقيقة، حيث يجري العمل حثيثاً لتغيير النظام العالمي القائم على القطبية الواحدة وهيمنة الولايات المتحدة والانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب، كما تنادي بذلك كل من روسيا والصين وباقي دول وشعوب العالم المتضرر من نظام القطبية الواحدة، وأمام تحدي كل من روسيا والصين واصرارهما على التغيير، وتعنت الولايات المتحدة وتمسكها بالنظام القائم، يمر العالم بمرحلة انتقالية تتم فيها تحولات عديدة، خاصة مع اتساع الخشية من أن الفوضى وعدم الاستقرار هما البديل عن النظام العالمي، ما لم يتم التحول نخو تعددية الأقطاب.

أولا: مادا تريد الولايات المتحدة من سورية؟

باختصار تريد الولايات المتحدة من سورية أن تندمج في المشروع الأمريكي (الشرق الأوسط الكبير)بما في ذلك الالتحاق بالاقتصاد العالمي وتطبيق جدول أعمال اقتصاد السوق، وأن تبتعد عن المشروع النهضوي العربي، وأن تنبذ القومية العربية، وتسكت عن احتلال الجولان، وتطبع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأن تنسى نهائياً القضية الفلسطينية وما يتعلق بها.

مرت العلاقة السورية - الأمريكية بسلسلة طويلة من المواقف، وكانت بدايتها عندما رفض السوريون  فكرة الانتداب الفرنسي في المفاوضات الدولية التي جرت بعد الحرب العالمية الأولى،  وقالوا أنه إذا لا بد من الانتداب فليكن الولايات المتحدة هي الدولة المنتدبة انطلاقا من أن ليس للولايات المتحدة تاريخ استعماري في منطقتنا، فضلاً عن صدور بيان الرئيس ولسون الذي ينادي بحقوق الانسان وحق تقرير المصير.

ورغم هذا الموقف الإيجابي من السوريين تجاه الولايات المتحدة فقد خذل الأمريكيون العرب وسورية خاصة في موقفين:

الأول : عندما أيد الكونغرس الأمريكي وعد بلفور عام 1922

والثاني : عندما قبلت الولايات المتحدة انتداب فرنسا على سورية، بموجب الاتفاق الذي عقدته مع حكومة فرنسا عام 1924 لقاء بعض الامتيازات التي منحت للولايات المتحدة في سورية.

وفيما عدا ذلك توالت المواقف الاسرائيلية العدائية، ضد العرب بوجه عام وضد سورية بوجه خاص، وتتبلور هذه المواقف في العداء السافر الذي أبدته من المشروع النهضوي العربي في مقابل التأييد غير المحدود للمشروع الصهيوني. وهي تطلب من سورية الابتعاد عن ايران وروسيا والتسليم بقيادة الولايات المتحدة ومشروعها. ومن الناحية العملية تبدت مواقف الولايات المتحدة منذ خمسينات القرن الماضي في:

  • قيام المخابرات الأمريكية بالأعداد لأول انقلاب عسكري في سورية عام 1949. واستمرار التدخل من الشؤون السورية الداخلية.
  • الموقف الأمريكي من أي خطوة وحدوية عربية، وظهر ذلك جلياً في موقفها العدائي من الوحدة السورية – المصرية عام 1958
  • المواقف العديدة في مجلس الأمن والمحافل الدولية الداعمة لإسرائيل وعدوانها المستمر على فلسطين وإقامة دولة (اسرائيل) وتغطية عدوان اسرائيل المتكرر على الدول العربية، وتزويدها بالسلاح والمال والرجال في حروبها ضد العرب. فضلاً عن موقفها في ضم الجولان للكيان الصهيوني
  • اتهمت الولايات المتحدة سورية ومصر بالانضمام إلى الاتحاد السوفييتي كما اتهمت القومية العربية بموالاتها للشيوعية.

ثانياً: اعداد المسرح

أُعدت الساحة السورية (المسرح) إعداداً محكماً، وفي مختلف الاتجاهات لكن في موضوعنا  الخاص بالجانب الاقتصادي، فقد جرى العمل على اضعاف الاقتصاد الوطني بالسيطرة على السياسات الاقتصادية وذلك بتحول الاقتصاد الوطني  إلى اقتصاد السوق(1)  من جهة وفرض العقوبات الاقتصادية من جهة ثانية، وعندما بدأت حركات الاحتجاج من البداية كان الجو الاقتصادي العام مؤاتياً فقد أثمرت السياسات الاقتصادية في توليد حالة من الفوضى في السوق الداخلية نجم منها ارتفاعات متوالية في الأسعار، وفقدان لبعض المواد، وتحكم فئة قليلة من التجار بانسياب السلعة من المنبع (المنتج أو المستورد) وحتى وصولها إلى المستهلك الأخير. وكان لارتفاع أسعار المشتقات النفطية المتوالي أثره الكبير في ارتفاع أسعار السوق للمواد والسلع والخدمات، وخاصة خدمات النقل ( نقل الأفراد ونقل البضائع)، ونتج عن فوضى السوق وارتفاع الأسعار مع بقاء مستوى الأجور (نسبياً) على حالها تضخم بدأ يلقي بظلاله الثقيلة على الأوضاع الاقتصادية برمتها، وتفاقم هذا الوضع مع تزايد نسبة البطالة خاصة بين الشباب. وقد انعكس ذلك على مشاعر وأحاسيس الناس خاصة ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى (وهم الأكثرية) بعد الطبقة العاملة والفلاحين. وكانت النتائج حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار تولد عنها موجات من السخط والتذمر والاحباط بين الناس، واستكملت هذه الحالة بالممارسات الإدارية والمالية التي زادت من الفروقات بين الناس في المدينة، وبينها وبين الريف.

وكان هذا المناخ هو المطلوب، فهو الذي أجج نار الأحقاد والطائفية والمذهبية والجهوية، وخاصة في أرياف المدن الكبرى التي عانت من الاهمال طويلاً، كدمشق وحمص وحلب وحماة وادلب ودير الزور والرقة وباقي أنحاء البلاد.

وهنا ندرك الأسباب الكامنة وراء الالحاح من قبل الولايات المتحدة (في مشروع الشرق الأوسط الكبير) وأوروبا (الشراكة الأوربية) والمؤسسات الدولية ( الصندوق والبنك الدوليين) على التحول نحو اقتصاد السوق والالتحاق بالاقتصاد العالمي والاندماج بالعولمة، فهذه العناوين التي تعبر عن الأهداف المعلنة لهذه الجهات تتخلص الدعوة إلى:

سوق منفتحة، وتجارة حرة، وحكومة صغيرة مما يؤدي إلى إجراء تحول في الاقتصاد الوطني السوري: تحول في الهياكل الاقتصادية، وفي الأهداف، وفي دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي. وقد أمكن تحقيق ذلك بالفعل من خلال تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة، واعترفت الحكومة في تقريرها عن تتبع تنفيذ الخطة بذلك حيث قالت:

" تمكنت الخطة من تحقيق هدفها الرئيسي، وهو إنجاز عملية التحول في الهياكل والأطر الاقتصادية في سورية نحو اقتصاد أكثر انفتاحاً وتنافسية واندماجاً في الاقتصاد العالمي، ونحو اقتصاد مرن يعتمد أساساً على آليات السوق مع تغيير واسع في دور الدولة. ودليل النجاح في هذا النهج وصوله إلى نقطة اللاعودة. ( تقرير الحكومة حول تتبع تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة (2006 – 2010 ) فالحكومة لم تحقق هذه الأهداف فقط، بل إنها أوصلت الاقتصاد إلى نقطة اللاعودة. أي أنها منعت أي تفكير أو عمل يؤدي إلى الغاء هذه التحولات العميقة في الاقتصاد وفي دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي. وتكشف لنا هذه الحقيقة، حقيقة الدور الذي لعبته السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة، كما كشفت الأحداث التي وقعت حتى الآن عن الاكتفاء في أهداف المنظمات الارهابية والمطالب الأمريكية (الصهيونية والأوربية) في تخريب الاقتصاد وتدمير مؤسسات الدولة، وتدمير البنية التحتية وتشريد المواطنين وتجويعهم. وهنا تأتي العقوبات الاقتصادية لتؤكد رغبة الولايات المتحدة والصهيونية في معاقبة الشعب السوري على جرأته في مواجهة المشروع الأمريكي-الصهيوني وعلى موقفه خاصة من المشروع الصهيوني ومن القضية الفلسطينية.

أما عن دور العقوبات الاقتصادية، فهو يأتي من خلال ما يعتقده دعاة الليبرالية الاقتصادية الجديدة، ونظرتهم إلى العقوبات الاقتصادية، حيث يرون أنه :( كلما تعاظمت الصعوبات الاقتصادية والتحديات التي تعترض الدول، بفعل هذه العقوبات، كلما ازداد احتمال امتثال الدول لمتطلبات الطرف الذي قام بفرض العقوبات والحصار الاقتصادي)

وفي ضوء هذا الاعتقاد، شهدت العقود الماضية تزايد اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة، على فرض العقوبات والحصار الاقتصادي على معارضي سياستها والرافضين لمشروعها. والهدف الدائم هو إضعاف الاقتصاد ، وبالتالي اضعاف الدولة. وتشير معظم الدراسات إلى أن العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي يولدان أوضاعاً اقتصادية واجتماعية سيئة، ويتحمل الشعب في النهاية أعبائها وتكلفتها، فضلاً عن أن ذلك يولد أنماطاً جديدة من الفساد داخل الدولة ويؤدي إلى نشوء السوق السوداء وتصاعد أعمال التهريب والاخلال بأمن المواطنين والمساس بلقمة عيشهم.

الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة تعتبر ( التدابير الاقتصادية ) الأحادية خرقاً سافراً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وتعتبر معظم الدراسات الجارية حول العقوبات الاقتصادية، أنها لم تؤدِ إلى تغيير أي نظام، بل إنها أدت إلى الاضرار بالمجتمعات وأعادتها إلى الوراء في جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية، وهذا هو الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة.

ثالثاً: النتائج الكارثية للسياسات الاقتصادية الليبرالية

إن جوهر السياسات الاقتصادية الليبيرالية الجديدة يكمن في النقاط الثلاثة الآتية:

  1. التحرير الاقتصادي، وتسليم مقاليد الاقتصاد الوطني للقطاع الخاص
  2. الاعتماد على آليات السوق في تحقيق التنمية
  3. خفض الانفاق العام، وتصغير حجم الحكومة وانسحاب الدولة من الشأنين الاقتصادي والاجتماعي، مع التركيز على الخدمات وخاصة المالية والعقارية ويمكن أن نلاحظ نتائج هذه السياسات الانفتاحية والتحرير فيما يلي:

أ – أثبتت الدراسات المختلفة التي أجريت في بلدان عديدة، أن تحرير الاقتصاد والتجارة وفتح الأسواق قبل تمكين الاقتصاد الوطني سوف يلحق الضرر بالاقتصاد ويشكل خطر على تقدمه، ويعيق عملية التنمية. ويضعف الاقتصاد ويقود إلى فشل الدولة. وهذا ما تريده الولايات المتحدة وأوروبا، من الضغط باتجاه تحرير الاقتصاد والانفتاح التجاري. وقد كان لفتح الأسواق السورية، خاصة للمنتجات التركية، وإلغاء الحماية للإنتاج الوطني، قبل تمكين الاقتصاد، أبلغ الأثر، لقد أدى اغراق الأسواق المحلية بالمنتجات الأجنبية، قبل أن يتمكن المنتجين من إجراء التغييرات المطلوبة في طرق الانتاج من أجل مواجهة منافسة المنتجات المستوردة إلى إغلاق العديد من الورش والمعامل الصناعية خاصة في مجال انتاج الألبسة والجلديات والأثاث المنزلي والمكتبي. وما نجم عن ذلك من بطالة، وتعطيل للقدرات الانتاجية، وبالتالي تراجع قوة الاقتصاد وهو أحد أركان قوة الدولة. إن مبدأ الحماية والدعم، مورس على نطاق واسع في الدول الصناعية المتقدمة، وساعد في تمكين المنتجات الوطنية على المنافسة داخلياً وخارجياً. والحقائق التاريخية تثبت أن النمو الاقتصادي الذي أحرزته الدول المتقدمة، لم يكن نتيجة الانفتاح الاقتصادي وتحرير التجارة، بل كان نتيجة سياسات الدعم والحماية، وهذا هو الرد الموضوعي على ادعاءات الليبيرالية الاقتصادية الجديدة ( على برنامج توافق واشنطن) تلك الادعاءات التي ترفع شعار (تحرير التجارة – قاطرة النمو) وينطبق ذلك على شعار ( الاندماج بالاقتصاد العالمي)

   ب – مسألة الاعتماد على آلية السوق في تحقيق التنمية:

يأتي ذلك من إطار ما يمكن دعوته ( الثورة المضادة) في السياسات الاقتصادية التي جاءت في مواجهة (الكينزية) و (دولة الرفاه) و (اقتصاد السوق الاجتماعي) وتعد الليبرالية الجديدة جوهر السياسات الاقتصادية في تلك المواجهة وهي تقوم على عدد من الافتراضات أهمها ثلاثة:

الافتراض الأول: إن آليات السوق، لا التخطيط وتدخل الدولة، هي التي تستطيع أن تخصص الموارد المادية والبشرية، وبالتالي هي القادرة على تحقيق النمو.

الافتراض الثاني: إن اقتصاد السوق يعمل بسهولة ويسر ويصحح الانحرافات تلقائياً، ويستطيع التوفيق بين المصالح الفردية والمصلحة الاجتماعية دون تدخل الدولة.

الافتراض الثالث: إن اقتصاد السوق قادر على تحقيق الكفاءة والنمو بأرخص الوسائل، دون تدخل حكومي بفضل المنافسة وتوفير المعلومات للجميع.

وتأتي الدعوة إلى اقتصاد السوق والترويج لآلياته في إطار الدعوة إلى الاندماج بالاقتصاد العالمي والانخراط بالعولمة.

وقد أظهرت الوقائع الاقتصادية الحقائق التالية:

  1. عجز آليات السوق عن تحقيق أسعار عادلة وملائمة لآنها تقود إلى الاحتكار.
  2. عجز السوق عن تخصيص وتحريك الموارد من استخدام إلى آخر بمرونة كافية.
  3. أدى اقتصاد السوق الحرة إلى إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار والاحتكار مما يهدد السلم الاجتماعي

إن الدعوة إلى اعتماد آليات السوق في تحقيق التنمية، ليست واقعية وغير عملية ، إذ إن ما يحرك قرارات الأفراد عملياً هو الربح والخسارة، وليس أي شيء آخر.

كما أن الدعوة إلى تولي القطاع الخاص قيادة الاقتصاد الوطني غير واقعية لأنها تفترض وجود طبقة رأسمالية نشطة وفعالة ورشيدة وتمتلك قدرات إدارية وتنظيمية متقدمة، وهذا غير متوفر في أوساط أصحاب الأموال، علماً أن الانحياز إلى جانب الأغنياء، سيؤدي إلى زيادة غناهم، وزيادة فقر الفقراء فضلاً عن اضمحلال الطبقة الوسطى التي هي عماد المجتمع.

لقد أثبتت الوقائع الاقتصادية، إن اقتصاد حرية السوق معرض للاضطرابات وغير قادر على تصحيح اختلالاته ذاتياً و (اليد الخفية) التي توفق بين المصالح الخاصة والمصالح العامة، ليست سوى وهم ينادى به لإخفاء العجز عن ايجاد البديل، عدا عن ذلك:

إن مشاريع التنمية الكبيرة تحتاج إلى تمويل كبير لا يستطيع السوق الحر (القطاع الخاص) أن يوفره.

لكن هذا لا يعني تجاهل آليات السوق وقوانينه بل يعني أنها تشكل عنصراً مساعداً يعتمد عليه في السياسات الاقتصادية التنموية عند الضرورة، خاصة وأن الأسواق بمعناها المعاصر (كمؤسسات وآليات) غير موجودة على النحو المطلوب

وقد أدت السياسات الاقتصادية الليبيرالية الجديدة في سورية، إلى خلق أجواء السخط والاحباط لدى الشعب بوجه عام، وفي أوساط الشباب بوجه خاص، خاصة وأن سوء الأوضاع المعيشية ترافق مع تراجع هام في الخدمات الاجتماعية، ولا سيما في مجالي الصحة والتعليم، وقد استفادت المنظمات الارهابية من هذه الأجواء لضم أعداد جديدة من الساخطين والمحبطين إلى صفوفها.

يأتي بعد ذلك، ومن خلاله، اضعاف قدرة القوات المسلحة على مواجهة العدوان الاسرائيلي من جهة وعلى مواجهة الارهاب الداخلي من جهة ثانية، وقد كان هذا مطلباً أساسياً للولايات المتحدة عملت عليه طويلاً.

وقد رافق ذلك قضايا ومفارقات كانت سبباً ونتيجة في آن واحد:

  1. الفساد: عدا عن دوره في الاقتصاد والمجتمع فقد لعب دوراً أساسياً في حرف عملية التنمية عن مسارها وإعاقة تقدمها في مراحلها المختلفة ، كما كان للفساد دوره في إعاقة عملية الاصلاح الاقتصادي، وها هو الآن يمثل الوجه الآخر للإرهاب. وخطورة الفساد الآن في تحوله إلى المأسسة بحيث أصبح يحتل مركزاً معتبراً في اعتراف غير رسمي بوجوده.
  2. الإدارة: وهي المسؤولة عن التنفيذ، ويطرح على نطاق واسع في أوساط الشعب تساؤلات حول ضعف الإدارة، وضعف المؤسسات، والفساد الذي يسود الدوائر، وعدم وجود كفاءة في قيادات هذه المؤسسات، وعدم وضوح المعايير في اختيار المسؤولين فيها.
  3. إهمال الريف: وتبدو أهمية هذا الأمر إذا ما دققنا في أساليب التخلف وانتشار الجهل، وطغيان الأفكار الهامشية وشيوع حالات الانحراف والهجرة نحو المدن الكبيرة وتشكيل العشوائيات حولها، فضلاً عن انطلاق حركات الاحتجاج وتأزمها في الريف مع أفكار التطرف والتكفير.
  4. مسألة التعليم وثقافة المجتمع: يلعب التعليم دوراً حيوياً في حياة الشعوب، وقد كان ولا يزال عنواناً لتقدم المجتمعات أو تراجعها وقد حظيت سورية بمستوى تعليم متقدم بعد الاستقلال كما حظي قطاع التعليم باهتمام خاص من سائر الحكومات المتعاقبة، وقدم التعليم مجاناً إلى جميع شرائح المجتمع، وفي جميع المستويات. إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأت تتراخى قبضة الدولة في هذا القطاع الهام، وبدأت تظهر انحرافات هامة، مثل الدروس الخصوصية، ومثل السماح للقطاع الخاص بافتتاح مدارس بدءاً من دور الحضانة إلى أن وصلنا إلى مرحلة السماح بإقامة الجامعات الخاصة فضلاً عن تسرب الفساد إلى هذا القطاع الحيوي، كما هو شأن باقي القطاعات، إذ لم يترك الفساد أي فرصة تضيع من يديه، عندما اقتحم القطاعات الهامة في المجتمع (التعليم والقضاء والصحة) وهي قطاعات هامة تشكل حساسية عالية لدى كافة القطاعات الشعبية.

وانعكس ذلك في ثقافة المجتمع العامة، فسادت ثقافة الاستهلاك وشاعت الروايات المضللة وغابت الثقافة الشعبية الأصيلة في ذات الوقت الذي انتشرت فيه ثقافة التكفير والحقد والكراهية والطائفية والجهوية والعشائرية والعائلية .... وهذه الثقافات هي التي ترعاها وتغذيها قوى العدوان كسبيل لانقسام المجتمع وتفتيته والقضاء على السلم الأهلي والمجتمعي، وهو المناخ الذي تعيش فيه المنظمات الارهابية وتنتعش فيه آمال العدوان تحقيقاً لمطامعها الكبرى.

أما من حيث المؤشرات الاقتصادية، والأرقام الاحصائية، اعتقاد أننا كمواطنين ومستهلكين في هذا المجتمع، على دراية تامة بما يجري على صعيد الاقتصاد من تضخم وارتفاع الأسعار، إذ يكفي النظر إلى أنفسنا، ونراجع حسابات ميزانية الأسرة، والحالة المعيشية، لنقف على حقيقة ما نعانيه، وعلى حقيقة ما فعلته السياسات الاقتصادية وإدارة شؤون الاقتصاد على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع. وقد كانت النتائج واضحة، فقد ازداد غنى الأغنياء، وتفاقم فقر الفقراء، وانحسرت الطبقة الوسطى، وظهر جلياً سوء توزيع الموارد وتخلف إدارة شؤون الاقتصاد ومؤسساته، وتخلف الخدمات الاجتماعية وخاصة التعليم والصحة، وتراجع اجمالاً مستوى ما بقي من البنية التحتية، خاصة ما يتعلق بالطاقة والكهرباء والطرق...

إضافة إلى ذلك بل فوق ذلك، كارثة خروج أجزاء عزيزة وهامة من الأرض السورية عن سيطرة الدولة:

..... الشمال الغربي قوى الارهاب مدعومة من تركيا ، واحتلال تركي لمواقع عزيزة بأهداف استراتيجية تركية، وتضم هذه المنطقة أخصب الأراضي المزروعة بملايين الأشجار (زيتون خاصة وفستق حلبي وكرز ....)

  • وفي شرق الفرات والجزيرة السورية يقوم بعض الأكراد مع بعض العرب (من العشائر العربية والمسيحيين ) بمحاولة انفصالية بدعم أمريكي وأوربي تحت عنوان (الإدارة الذاتية). تسيطر على حقول النفط والغاز وعلى مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل الزراعية ( الغذائية والصناعية)
  • وفي البادية السورية ، تتخذ بعض العصابات الارهابية مواقع حصينة لها تقوم من خلالها بهجمات على المدن القريبة وعلى الطريق الواصل ما بين دمشق وتدمر ودير الزور.
  • وفي الجنوب، تبدوا واضحة المطامع الاسرائيلية الهادفة إلى خلق الأوضاع المناسبة لأمن اسرائيل، ومنع قيام مقاومة وطنية ضد الاحتلال.

إن الأزمة الراهنة في سورية، متعددة الأبعاد والعوامل فضلاً عن التدخلات الخارجية المتعددة الأهداف والمصالح. إن هذا الوضع الناجم عن سنوات الحرب والارهاب، عدا عن ما أحرزه من وقائع    على الأرض، يهدد الأمن القومي ويهدد الأمن الغذائي، وعلى الصعيد الشخصي لا أمان للإنسان السوري وهو يكافح من أجل البقاء بعد أن نزح داخلياً وهاجر (خارجياً)حوالي نصف السكان.

رابعاً: الخروج من المحنة:

ونحن نفكر في الخروج من المحنة السورية، علينا ألا ننسى أن العالم يمر بمرحلة دقيقة تتمثل الآن في العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا، التي تتضمن في الواقع الصراع ما بين الرغبة في تغيير النظام الدولي القائم على القطبية الأحادية بنظام دولي جديد قائم على التعددية القطبية. وهو في الحقيقة صراع ما بين (روسيا والصين ومن معهما من الدول) والغرب (الأمريكي – الأوربي).

إن ما يجري على الصعيد الدولي من صراع، تغذيه في الخلفية عوامل أخرى تتمثل في الصحة (جائحة الكورونا كوفيد 19) وتقلبات المناخ، وما أصاب سلاسل الإمداد (خاصة الطاقة والغذاء) مما أثر على الأمن الغذائي العالمي، ويشكل مساساً بالأمن الانساني العالمي من عوامل الضعف والتفكيك.

بعد الأخذ بالاعتبار ما يجري على الصعيدين العالمي والاقليمي، يأتي السؤال: كيف يمكن الخروج من المحنة، وما هي الخطوات الكفيلة بذلك؟!...

أعتقد منطقياً أن العمل الآن يجب أن ينصب على:

  1. إعادة الوحدة الجغرافية للبلاد وذلك بالعمل الحثيث على جلاء جميع القوات الأجنبية (جيوش نظامية أم تنظيمات ...) من الأراضي السورية (شمال غرب ادلب، شرق الفرات والجزيرة السورية – الجولان). وإقامة الأسس المتينة والقوية لدولة عصرية مدنية ديمقراطية.
  2. إجراء انتخابات شفافة تؤدي إلى قيام مجلس نيابي، قادر على التشريع، ووضع مسودة لعقد اجتماعي وطني ( دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي)
  3. استكمال هيكل الدولة، بتعيين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية ووضع الضوابط القانونية لضمان فصل السلطات، وممارسة كل منها دوره بحرية وبدون أية قيود.
  4. وضع القواعد الدستورية والقانونية التي توضح هوية الاقتصاد الوطني، وتضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقق عدالة التوزيع، وتقيم اقتصاد العلم والانتاج.
  5. إعطاء الأولوية لتدعيم قوة الجيش الوطني وحسن وسلامة تدريبه وتسليحه.

وإلى أن يتحقق ذلك، فإن على الحكومة القائمة أن تعمل فيما يتعلق بالاقتصاد وفق خطة مرحلية على:

  • ضبط الأسواق المحلية، والقضاء على الاستغلال والاحتكار
  • إعادة النظر بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية ووضعها في إطار جديد لخدمة أهداف الاقتصاد الوطني، من خلال خطة واضحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  • نبذ كل ما يؤدي إلى إعلاء شأن اقتصاد السوق، والعودة إلى نهج التخطيط الاقتصادي وإلغاء كل ما يشير إلى لبرة الاقتصاد.
  • إعادة قراءة لجميع القوانين والقرارات والبلاغات الصادرة عن الحكومة في المرحلة السابقة، واستبعاد كل ما هو معرقل لعملية التنمية، وتعديل كل ما هو ضد الفقراء وأصحاب الدحل المحدود، والابقاء على ما يفيد عملية التنمية ويخدم أهدافها.
  • اجراء اصلاح حقيقي للقطاع العام في جميع الفعاليات الاقتصادية، ووضع الامكانيات المالية والتقنية والادارية تحت تصرفه بهدف تمكينه من قيادة الاقتصاد الوطني.
  • ازالة القيود على حركة رأس المال الخاص ودعمه وتشجيعه لزيادة مساهمته في تحقيق التنمية ورفع سوية الانتاج (كمية ونوعية)
  • اصلاح النظام الضريبي، بحيث يقوم على أسس العدالة، ويؤدي دوره في إعادة توزيع الدخل والثروة لصالح الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
  • العمل على الغاء والتخفيف من عبء التضخم والغلاء.
  • إيلاء الزراعة (بشقيها النباتي والحيواني) الاهتمام اللازم لرفع سويتها وتحسين أحوال الفلاحين ورفع سوية الريف وتقديم الخدمات بسوية مناسبة لسكانه.
  • التوجه نحو الصناعة، ورفع سويتها وتسهيل وصول مؤسساتها لمستلزمات الانتاج، والعمل على توجيه دفة الصناعة نحو التصنيع التقني الراقي وربطها بالإنتاج الزراعي وحاجة السكان
  • ضمان وصول المادة أو السلعة بأفضل وأسهل الطرق من المنتج والمستورد إلى المستهلك الأخير وذلك بالتوجه نحو احتفاظ مؤسسات الدولة لتجارة الجملة باحتياطيات المواد، ووضع السياسة السعرية وتنفيذها لما هو صالح الانتاج والاستهلاك وفق الأسس العلمية للتكاليف. ووضع سياسات سليمة لتقديم الدعم للمستهلك وللمنتج بما يخدم أهداف عملية التنمية.
  • إعطاء التعليم والصحة الاهتمام اللازم لوصول خدمات هذين القطاعين إلى شريحة اجتماعية وبالمجان، أي جعل التعليم مجاناً في جميع مراحله، والتوسع في الضمان الصحي.
  • إعادة النظر بالتعليم الخاص (بما فيه الجامعي) وجعله في خدمة المواطن وعملية التنمية.
  • التوسع في نقل التقانة والتكنولوجيا والمعرفة واستخدام أنظمة المعلوماتية.
  • تعزيز القدرات الانتاجية، وتحقيق الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج (بما في ذلك مكافحة الفساد والقضاء على الأعمال الهامشية غير المنتجة وخاصة التي تحمل في طياتها أعمالاً غير مشروعة)
  • تحقيق الربط بين القطاعين العام والخاص على أسس عادلة وواضحة بما يخدم تقدم هذين القطاعين وتنميتها.
  • جعل العلاقات الاقتصادية مع دول العالم تقوم انطلاقاً من مصلحة الاقتصاد الوطني. ووضع الضوابط لذلك من خلال إعادة النظر بجميع الاتفاقات التجارية وتعديلها بما يتفق مع المصالح الوطنية، والتأكيد أن لا تحرير للتجارة قبل تمكين الاقتصاد
  • فك ارتباط العملة الوطنية بالدولار الأمريكي، وايجاد رابط جديد بسعر الصرف يؤكد على استقلالية الاقتصاد .

هذه عناوين يمكن التوسع بها من خلال منظور مصلحة الاقتصاد الوطني، وبما يخدم أهداف عملية التنمية، ولكن يظل الأمر رهناً بتنفيذ ما يطرح:

  1. مسألة الإدارة المحلية والتوسع في تطبيق أساليب اللامركزية العصرية.
  2. مسألة الإدارة وسلامة وضع الهيكل الإداري للمؤسسات الذي يقوم بأعباء إدارة وقيادة مؤسسات الدولة (الاقتصاد والخدمات) وكذلك سلامة اختيار المسؤولين عن الإدارة والاهتمام بعمليات الإعداد والتدريب.
  3. وضع وتنفيذ برنامج متكامل للمحاسبة والمساءلة، يشمل جميع الفئات والمستويات.

ويبرز هنا دور وأهمية الرقابة الشعبية، ودور ممثلي الشعب من خلال مجالسه المحلية والمركزية.

أما لماذا يتأخر الحل؟

فلأن الأسباب التي من أجلها كانت الأزمة والحرب، هذه الأسباب لا تزال قائمة....

فلم يتحقق للولايات المتحدة (ومن معها) ما تريده على نحو كامل، نعم... دمرت أجزاء عزيزة ، واحتفظت أجزاء أخرى، وشرد  وقتل الآلاف ولكن هذا لم يؤد إلى سقوط الدولة والشعب وإنهاء وجودهما. ولا تزال الدولة السورية موجودة وعلمها ما يزال مرفوعاً في هيئة الأمم المتحدة.

كما لا تزال سورية صامدة في وجه المشروع الاسرائيلي ورغم العدوان الذي يشن عليها.

ولم تستطع تركيا أن تحقق أحلامها في مشروعها العثماني الصغير. ولا تزال عروبة سورية ساطعة في مواجهة جهالة الأنظمة العربية.

 لكن....

المأساة عميقة أمام تشرد حوالي نصف السكان بين الداخل والخارج، ولا يزال هناك بعض من يدعى (معارضة) يتسكع على أبواب الخارج.... ولا يزال البعض هنا وهناك من تجار (الحروب والأزمات) يقفون عقبة أمام الحل الوطني.

وللأسف لا تزال المسألة السورية، ورقة بيد بعض الدول الأجنبية تستخدمها لتحقيق مصالحها في مواجهة بعضها البعض.

 

الهوامش:

  1. جرت عملية التحول إلى اقتصاد السوق تدريجياً منذ ثمانينات القرن الماضي، فقد تعرضت البلاد لازمة قطع شديدة، طرح دعاة الليبرالية الاقتصادية حل هذه الأزمة بتخلي الدولة عن بعض مهامها الاقتصادية للقطاع الخاص، ومن هذه المهام مكان استيراد بعض المواد الأساسية فضلاً عن مستلزمات الانتاج، وبالفعل فقد سمح للتجار باستيراد مواد أساسية كانت محصورة بمؤسسات الدولة، والبداية كانت تفرض على هؤلاء التجار تسليم مستورداتهم لمؤسسات التجارة الحكومية..

وفي بداية عام 2000 طرح موضوع الاصلاح الاقتصادي، وكان هناك رأيان، الأول: يقول إصلاح مؤسسات القطاع العام، ودعمها والتأكيد على قيادتها للاقتصاد الوطني مع تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار المنتج، وتحسين النظام الضريبي وطرق الجباية، وتعديل نظام الأجور بما يتلاءم مع ارتفاع الأسعار والتضخم، وذلك تأكيداً لدور الدولة في الاقتصاد والمجتمع. إلى جانب مكافحة الفساد ومعالجة حالة التضخم. والثاني : ينادي بالاقتصاد المنفتح والسوق الحرة، وتخفيض الضرائب على الأغنياء. ودارت نقاشات واسعة في الأوساط الأكاديمية والرسمية والشعبية، ثم عرض الموضوع على المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، وبعد مناقشات عديدة تمت التوصية بانتهاج سياسة التحول نحو: (اقتصاد السوق الاجتماعي) لكن ما جرى تطبيقه بالفعل في السنوات اللاحقة هو التحول نحو اقتصاد السوق مع اهمال الجانب الاجتماعي.

قسم المعلومات
...

  • الجوال : +963 988 212212
  • البريد الإلكتروني : econ.sy@gmail.com